الاستاذ محمد هاشم الصالحي
ضمن سياسات صهر التركمان في العراق اتخذت سلطات البعث العديد من الإجراءات لحث المواطنين العرب على الهجرة والسكن في مركز مدينة كركوك ذات الثقل التركماني؛ إذ منحت الدولة في ثمانيات القرن المنصرم امتيازات مالية وإدارية للعوائل العربية القادمة إلى كركوك، من بين هذه الامتيازات منحهم عشرة آلاف دينار عراقي (ما يعادل 33 ألف دولار أمريكي) يضاف إليه مبلغ آخر قدره خمسة آلاف دينار (ما يعادل 16500 دولار أمريكي) لقاء مصاريف الانتقال.
ضمن هذه السياسة التعسفية البذيئة قرر نظام البعث منح كل عائلة سكنت كركوك قرضاً بنكياً قدره عشرة آلاف دينار (ما يعادل 33 ألف دولار أمريكي) بدون فائدة لقاء شراء عقارات في المناطق التركمانية، وقام النظام بتمليك دور التركمان الشيعة خصوصاً في كركوك والذين تم تهجيرهم مسبقاً إلى الوافدين إلى المدينة كما حدث في منطقة تسعين في مركز قضاء كركوك.
إلى جانب ذلك تم حظر التركمان من شراء العقارات في مناطقهم، بذلك لم يتمكن التركمان من بيع عقاراتهم إلّا لمواطنين من القومية العربية. هذا الإجراء المنافي لكل الأعراف السماوية والقوانين الوضعية ما زالت آثارها شاخصة في مدينة كركوك، ومن الممكن لكل زائر رؤيتها.
خلال مدة تولي حزب البعث العربي الاشتراكي السلطة في الدولة العراقية، تعرض التركمان إلى حملة التطهير العرقي والتعريب بشتى الوسائل، منها القرارات والتعليمات الصادرة من أعلى سلطة في الدولة العراقية وهي (مجلس قيادة الثورة) المنحل وتعليماتها الموجهة إلى الوزارات ودوائر الدولة التنفيذية عامة ودوائر محافظة كركوك خاصة لاتخاذ كافة الإجراءات الإدارية الرسمية والأمنية والحزبية في المدن والقصبات والنواحي التابعة لها، واتخاذ إجراءات إنجاح خطة تعريب أهلها من خلال تغيير القومية إلى العربية، وبخلافها حرمانهم من متابعة المعاملات الإدارية وعرقلة تمشيتها التي تضمن حقوقهم الشخصية.
إن الوثائق والمراسلات الرسمية والمستندات الأصلية والمخاطبات بين تشكيلات الدوائر المختلفة لهو دليل إثبات قاطع لا لبس فيها في موضوع التطهير العرقي وتعريب المواطنين من غير القومية العربية.
وعمدت السلطة إلى تغيير أسماء المناطق التركمانية كجزء من سياسة التعريب هذه، وتم تغيير اسم محافظة كركوك إلى التأميم، وتقليص الحدود الإدارية لمدينة كركوك، وإبقاء قضاء الحويجة القضاء الوحيد المرتبط إدارياً بمركز كركوك بعد سلخ قضاء كفري وطوز خورماتو والدبس وغيرها من الأقضية ذات الكثافة التركمانية والحاقهم بمحافظة تكريت وديالى بحسب موافقة مجلس قيادة الثورة، والمادة 4 من قانون المحافظات رقم 151 لسنة 1969 (المعدل) المؤرخ في 28 محرم 1396 الموافق 29 كانون الثاني 1976 بتوقيع أحمد حسن البكر رئيس الجمهورية (انظر الملحق رقم 1).
وتم تبديل أسماء المدن والقرى التركمانية إلى أسماء عربية بناء على ما جاء بقرار مجلس محافظة التأميم المرقم 55 في 02/03/1976؛ إذ تقرر تبديل أسماء القرى التابعة لناحية قره حسن بالأسماء المبينة بإزاء كل منها:
شرنجه بولاق اليرموك
زندانة النصر
يارمجة جده
قره لو المقداد
صارى تبة الكبير الرازي
صارى تبة الصغير سيناء
صارى تبة يونس الوليد
طوقماقلى الخنساء
ترجيل القادسية
تم نشر ذلك في الوقائع العراقية عدد 2520 في 29/03/1976 (انظر الملحق رقم 2).
وتم استثناء المواطنين من القومية العربية من شرط (مسقط الرأس) في موضوع توزيع الأراضي في مدينة كركوك؛ إذ تم توزيع الأراضي على أبناء القومية العربية من دون استثناء في مركز مدينة كركوك (انظر الملحق رقم 3).
هذا وقد تم توزيع أراضي القرى التركمانية المزالة إلى مزارعين من القومية العربية، وبناء وحدات سكنية على محرمات القرية القديمة وتبديل أسمائها، إذ تم تبديل اسم قرية البشير التركمانية إلى (صدامية البشائر) وإلزام الفلاحين العرب المتعاقدين بالسكن فيها بعد سنة من التعاقد مع الدولة (انظر الملحق رقم 4 والملحق رقم 5). وتم تسليح هذه العوائل العربية التي سكنت المنطقة والسماح لها في حيازة الأسلحة المتنوعة (انظر الملحق رقم 6, 7, 8).
وبهدف تقليل الثقل التركماني في مدينة كركوك تم منع التركمان من بناء العمارات والمحلات التجارية على أراضيهم الخاصة في مركز كركوك؛ إذ منع التركمان من الحصول على إجازات البناء والتراخيص اللازمة لإنشاء الأبنية حتى وإن كانت على أراضيهم الصرفة (انظر الملحق رقم 9).