د. محمد جبار الكريزي
تمهيد:
يستذكر العراقيون في مثل هذا اليوم، صور من المشاهد الدموية والإجرامية والاختفاء القسري إبان حكم حزب البعث المقبور، والذي راح ضحيتها الكثير من العراقيين، وتمثل في الاعتقال، والاحتجاز القسري، والاختطاف، والحرمان من ممارسات الحريات، والقتل، والتهجير القسري، ومن ضمن هذه الشواهد: عمليات الاختفاء القسري في الجنوب، جريمة الكرد الفيلين، جريمة الأنفال، جريمة المقابر الجماعية، جريمة حلبجة، جريمة الدجيل، جريمة التطهير العرقي، جريمة إعدام التجار، جريمة إعدام رجال الدين، تصفية الأحزاب الدينية، أحداث صلاة الجمعة، تصفية الأحزاب العلمانية، الجرائم المرتكبة في الانتفاضة الشعبانية، التهجير القسري لسكان الأهوار، النقل والإبعاد القسري للسكان، جرائم الحرب، وانتهاك الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية.
إذ يستخدم الاختفاء القسري كاستراتيجية؛ لبث الرعب داخل المجتمع. فالشعور بغياب الأمن الذي يتولد عن هذه الممارسة لا يقتصر على أقارب المختفي، بل كذلك يصيب مجموعاتهم السكانية المحلية، ومجتمعهم ككل. ويوافق يوم 30 آب من كل عام، اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري.
ويعرف الاختفاء القسري وفقاً للإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، الذي اعتمدته الجمعية العامة في قرارها 133/47 المؤرخ 18 كانون الأول/ ديسمبر 1992، بوصفه مجموعة مبادئ واجبة التطبيق على جميع الدول، فإن الاختفاء القسري يحدث عند:“القبض على الأشخاص، واحتجازهم، أو اختطافهم رغما عنهم، أو حرمانهم من حريتهم على أي نحو آخر، على أيدي موظفين من مختلف فروع الحكومة، أو مستوياتها، أو على أيدي مجموعة منظمة، أو أفراد اعتياديين يعملون باسم الحكومة، أو بدعم منها، بصورة مباشرة، أو غير مباشرة، أو برضاها أو بقبولها، ثم رفض الكشف عن مصير الأشخاص المعنيين، أو عن أماكن وجودهم، أو رفض الاعتراف بحرمانهم من حريتهم، مما يجرد هؤلاء الأشخاص من حماية القانون“.
ونص كل من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي دخل حيز التنفيذ في 1 تموز/ يوليه 2002، والاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، التي اعتمدتها الجمعية العامة في 20 تشرين الثاني/ديسمبر 2006، على أن :”الاختفاء القسري” يوصف بجريمة ضد الإنسانية عندما يُرتكب ضمن هجوم واسع النطاق، أو منهجي على أي مجموعة من السكان المدنيين، ولا يخضع بالتالي لقانون التقادم. وفضلاً عن ذلك، فإن لأسر الضحايا الحق في طلب التعويض، والمطالبة بمعرفة الحقيقة فيما يتصل باختفاء أحبائهم.
ويشير مجلس القضاء الأعلى العراقي إلى أن الاختفاء القسري انتهاكاً خطيراً ينجم عنه ألم ومعاناة طويلة الأمد ليس فقط للضحايا أنفسهم، إذا تمكنوا من النجاة، ولكن أيضا لأهلهم وأقاربهم وأصدقائهم الذين تركوا ليعيشوا حالة الشك حول مصير أحبائهم؛ لهذا يقتضي القانون الدولي الاعتراف بالاختفاء القسري على أنه جريمة متميزة ذات خصائص تميزه من غيره من جرائم الحرمان من الحرية، وأن الاتفاقية الدولية بشأن حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري التي يعد العراق طرفاً فيها، تعرف الاختفاء القسري على النحو الآتي:
الاعتقال، أو الاحتجاز، أو الاختطاف، أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية، يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص، أو مجموعات من الأفراد، يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة، أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته، أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده؛ مما يحرمه من حماية القانون.
لقد أصبح الاختفاء القسري مشكلة عالمية، ولم يعد حكراً على منطقة بعينها من العالم، فبعدما كانت هذه الظاهرة في وقت مضى نتاج دكتاتوريات عسكرية أساساً، يمكن اليوم أن يحدث الاختفاء القسري في ظروف معقدة لنزاع داخلي، أو يُستخدم بالأخص وسيلة للضغط السياسي على الخصوم؛ مما يثير القلق بوجه خاص:
-
استمرار المضايقات التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان، وأقارب الضحايا، والشهود، والمحامون الذين يعنون بقضايا الاختفاء القسري.
-
استغلال الدول أنشطة مكافحة الإرهاب كذريعة لانتهاك التزاماتها.
-
استمرار مرتكبو أعمال الاختفاء القسري في الإفلات من العقاب على نطاق واسع.
المتأثرون بممارسات الاختفاء القسري
-
الضحايا أنفسهم:
-
يتأثر الضحايا، الذين كثيراً ما يتعرضون للتعذيب والخوف المستمر على حياتهم، ويتأثر أفراد أسرهم، الذين يجهلون مصير أحبابهم، وتتأرجح عواطفهم بين الأمل واليأس، فيترقبون في حيرة، طيلة سنوات أحياناً، وصول أخبار قد لا تأتي أبدا. ويدرك الضحايا جيداً أن أسرهم لا تعرف شيئا عما حل بهم، وأن فرص حضور من يمد لهم يد المساعدة ضئيلة. وقد أصبحوا في الحقيقية – بعد إقصائهم عن دائرة حماية القانون و “اختفائهم” من المجتمع – محرومين من جميع حقوقهم، وواقعين تحت رحمة آسريهم. وحتى إذا لم يكن الموت هو مآل الضحية، وأخلى سبيله من هذا الكابوس في نهاية المطاف، فإن الآثار الجسدية والنفسية لهذا الشكل من أشكال التجريد من الصفة الإنسانية، وللوحشية والتعذيب اللذين يقترنان به في كثير من الأحيان تظل حاضرة.
-
أقارب الضحايا وأصدقائهم:
-
تعاني أسر المختفين كما يعاني أصدقاؤهم من غم نفسي بطيء، لعدم علمهم إذا كان الشخص الضحية لا يزال على قيد الحياة، وإذا كان الأمر كذلك، فأين يحتجز، وما هي ظروف احتجازه، وما هي حالته الصحية. وأنهم يدركون أنهم مهددون هم كذلك، وأنهم قد يلقون المصير نفسه، وأن البحث عن الحقيقة قد يعرضهم لمزيد من الأخطار.
-
كثيراً ما تزداد محنة الأسرة من جراء العواقب المادية للاختفاء القسري، ذلك أن الشخص المختفي غالباً ما يكون هو العائل الرئيس للأسرة. وقد يكون هو الفرد الوحيد في الأسرة الذي يستطيع زراعة الأرض، أو إدارة المشروع التجاري للأسرة. وهكذا يتفاقم الاضطراب العاطفي باقترانه بالحرمان المادي الذي تشتد حدته في الأسرة؛ نتيجة التكاليف الإضافية التي تتكبدها إذا قررت البحث عن فردها المختفي. وعلاوة على ذلك، فإن الأسرة لا تعلم إن كان محبوبها سيعود يوما، ولذلك فيمن الصعب عليها التكيف مع الوضع الجديد. وفي بعض الحالات، قد لا يسمح تشريع البلد للأسرة بتلقي معاش أو أية إعانات أخرى إن لم تقدم شهادة وفاة، فتكون النتيجة في أغلب الحالات أن تعيش الأسرة مهمّشة اقتصادياً واجتماعياً.
-
تتحمل النساء في أغلب الأحيان وطأة الصعوبات الاقتصادية الخطيرة التي عادة ما تصاحب حالات الاختفاء. فالمرأة هي التي تتصدر الكفاح في معظم الأحيان لإيجاد حل لقضية اختفاء أفراد من أسرتها. وقد تتعرض المرأة، بقيامها بذلك، للمضايقات، والاضطهاد، والانتقام. وعندما تقع المرأة بنفسها ضحية الاختفاء، فإنها تصبح معرضة بشكل خاص للعنف الجنسي، ولغيره من أشكال العنف.
-
يمكن أن يقع الأطفال أيضا ضحايا، بصورة مباشرة، وغير مباشرة معاً. ويشكل اختفاء الطفل خرقاً واضحاً لعدد من أحكام اتفاقية حقوق الطفل، بما في ذلك حقه في التمتع بهويته الشخصية. وأن فقدان أحد الوالدين عن طريق الاختفاء يشكل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان المكفولة للطفل.
-
تأثيره على المجتمعات:
-
تتأثر المجتمعات تأثيراً مباشراً من جراء اختفاء المعيل الوحيد للأسرة، بالإضافة إلى تأثرها من تدهور الوضع المالي للأسر، وتهميشهم اجتماعياً .ولبث الرعب داخل المجتمع.
-
انتهاك خطير لحقوق الإنسان
في أثناء عملية الاختفاء، يمكن أن تنتهك الحقوق المدنية أو السياسية الآتية:
-
حق الفرد في الاعتراف بشخصيته القانونية.
-
حق الفرد في الحرية والأمن على شخصه.
-
الحق في عدم التعرض للتعذيب، أو لأي ضرب آخر من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المُهينة.
-
الحق في الحياة، في الحالات التي يقتل في الشخص المختفي.
-
الحق في الهوية.
-
الحق في محاكمة عادلة، وفي الضمانات القضائية.
-
الحق في سبيل انتصاف فعال، بما في ذلك الجبر والتعويض.
-
الحق في معرفة الحقيقة فيما يخص ظروف الاختفاء.
وينتهك الاختفاء القسري أيضا بصفة عامة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للضحايا وأسرهم على حد سواء:
-
الحق في توفير الحماية والمساعدة للأسرة.
-
الحق في مستوى معيشي مناسب.
-
الحق في الصحة.
-
الحق في التعليم.
وثائق دولية حول الاختفاء القسري وما يتعلق به
-
الإعلان الدولي بشأن حقوق الإنسان 1948.
-
القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء 1955.
-
الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري 2007.
-
الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري 1992
-
المبادئ الأساسية لمعاملة السجينات، والتدابير غير الاحتجازية للمجرمات (قواعد بانكوك) أو ما يُعرف رسمياً قواعد الأمم المتحدة لمعاملة السجينات
-
المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء.
-
مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز، أو السجن 1988.
-
الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب، وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة.
-
اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة 1984م.
-
البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة 2002م.
-
المبادئ المتعلقة بالتقصي والتوثيق الفعالين بشأن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة 2000م.
-
المبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية بشأن الحق في الانتصاف والجبر.
-
اتفاقية حقوق الطفل 1989.
ونستعرض في هذه المقال مجموعة من البحوث العلمية للباحثين العراقيين التي تناولت الاختفاء القسري، ومن زوايا مختلفة، بما يأتي:
-
الاختفاء القسري حالة من حالات الفقدان، رسل علاء داوود، أ.د.م أحمد عبد الرزاق هضيم، مجلة كلية الحقوق/جامعة النهرين, 2023, المجلد 25, العدد 2, ص 213-242.
-
المصلحة المحمية في جريمة الاختفاء القسري (دراسة مقارنة) حسون عبيد هجيج، مازن خلف ناصر، مجلة أهل البيت (عليهم السلام), 2017, المجلد 1, العدد 21, ص 50-79.
-
ظاهرة الاختفاء القسري في إطار القانون الدولي والوطني م.علي عداي مراد مجلة جامعة تكريت للحقوق، 2022 المجلد 6, العدد 4/1, الصفحات 416-437.
-
التعويض عن جريمة الاختفاء القسري “دراسة مقارنة“، حسون عبيد هجيج، مجلة الكلية الإسلامية الجامعة, 2015, المجلد , العدد 36, ص 37-71.
-
الاختفاء القسري وأثرهُ على حق الإنسان في الحياة، رنا سلام أمانة، قيصر عادل عبد الدين، مجلة كلية الرافدين الجامعة للعلوم, 2021, المجلد , العدد 48, ص 60-70م.
-
مواجهة جريمة الاختفاء القسري في التشريعات العقابية المقارنة، أ.د. حسين عبدعلي عيسى، م. شاخوان خدر رسول، مجلة جامعة تكريت للحقوق, 2023, المجلد 7, العدد 4/1, ص 94-129.
-
الإطار القانوني الدولي لظاهرة الاختفاء القسري، نور خالد إبراهيم، مجلة جامعة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) للدراسات القانونية, 2021, المجلد 1, العدد 1, ص285-314
-
الجهود الدولية لتقنين جريمة الاختفاء القسري، مجلة الحقوق, 2020, المجلد 5, العدد 38-39, ص 1-28.
-
دور الهيئات القضائية الإقليمية في التصدي لجريمة الاختفاء القسري، أ.م.د. بشير سبهان أحمد، مجلة الحقوق, 2024, المجلد , العدد 47, ص 149-166.
-
حق الأطفال في التعويض عن جريمة الاختفاء القسري في الصكوك الدولية وأثره في التشريعات العراقية، عبدالله جليل علي، أ.م.د. أحمد فاضل حسين، مجلة العلوم القانونية والسياسية, 2020, المجلد 9, العدد 1, ص 493-529.
-
دور المحاكم المتخصصة في تكريس أن الاختفاء القسري انتهاك لحق الإنسان في الشخصية القانونية. محمود خليل جعفر، مجلة رسالة الحقوق, 2020, المجلد 12, العدد 2, ص 183-198
-
التنظيم القانوني لجريمة الاختفاء القسريفي القانون الدولي، م.فراس نعيم جاسم، مجلة الحقوق, 2022, المجلد , العدد 42, صص 589-620
-
حدود التعويض عن الضرر الناشئ من جريمة الاختفاء القسري للأشخاص، أ. م. د. مازن خلف ناصر، مجلة كلية الحقوق/جامعة النهرين, 2020, المجلد 22, العدد 1, ص 247-270.
-
قواعد حماية المدنيين من الإختفاء القسري، م.م. أنس صلاح عبود، مجلة كلية الإمام الأعظم الجامعة, 2022, المجلد , العدد 41 الجء 2, ص 275-304.
-
المفهوم القانوني لجريمة الاختفاء القسري في القانون الدولي الإنساني، الباحث: محمد جاسم محمد، مجلة الجامعة العراقية, 2019, المجلد 43, العدد 1, ص 419-432 .
-
جريمة الاختفاء القسري وفقا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، م.د. أحمد تقي فضيل، مجلة واسط للعلوم الإنسانية, 2012, المجلد 8, العدد 20, ص 190-219
-
تدابير الحماية الوطنية لجريمة الاختفاء القسري (دراسة مقارنة)، صلاح مهدي نصيف، ا.م.د.هدى هاتف مظهر، ا.م.د.علي جبار كريدي، مجلة كلية الحقوق/جامعة النهرين, 2019, المجلد 21, العدد 2, ص 205-261.
-
الحماية الدولية لضحايا جريمة الاختفاء القسري، م. قاسم ماضي حمزة، مجلة القادسية للقانون والعلوم السياسية, 2023, المجلد 14, العدد 2, ص 109-126.
-
الحماية الدولية والوطنية من الاختفاء القسري للأطفال، م.م. حامد محمد علي، مجلة الجامعة العراقية, 2020, المجلد 46, العدد 1, ص 420- 436
-
دراسة قانونية عن المفقودين (إحياء ماكينة العدالة الجنائية)، مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية, 2020, المجلد 9, العدد 32 / الجزء 1 , ص 276-318.
-
الآليات القانونية في حماية المفقوديـــن في القانون الدولي، زينب شريف، مجلة الكلية الاسلامية الجامعة, 2023, المجلد 1, العدد 70, ص 597-632
-
المفقودين في النزاعات المسلحة وأحكام حمايتهم “دراسة في ضوء القانون الدولي الانساني”. ثريا هشام فاخر الكناني، أزهار حميد الشهرستاني، مجلة رسالة الحقوق, 2022, المجلد 14, العدد 3, ص 482-492.
-
صور من الإبادة الجماعية في الغزو العراقي لدولة الكويت عام 1990م، ،مجلة الآداب, 2023, المجلد , العدد وقائع مؤتمر بناء السلام ومنع الابادة الجماعية الجزء الثاني, ص 459-488
-
اليات حماية المفقودين في التشريعات الوطنية، غلا معلى قاسمي، مريم ماجد حمد، مجلة الكوفة للعلوم القانونية والسياسية, 2023, المجلد 15, العدد 55, ص 936-962.
وختاماً، نورد رأي مجلس القضاء الأعلى/هيئة الإشراف القضائي- قسم الدرسات والبحوث والمنشور على الموقع الرسمي للقضاء حول الاختفاء القسري، إن قانون العقوبات العراقي الحالي رقم (111) لسنة 1969 المعدل يخلو من نص واضح وصريح يعرف جريمة الاختفاء القسري وفق التعريف الوراد في المادة (2) من الاتفاقية الدولية لكن هناك أفعال تندرج تحت وصف الاختفاء القسري من (الخطف, الاحتجاز, والاعتقال من دون أوامر قضائية)، المرتكبة من موظف عام، أو من قبل كيانات من غير الدول، والمطبق على هذه الأفعال في النصوص الواردة في قانون العقوبات العراقي في المواد (426,425,423,422,421,324,322).
وبموجب التشريعات العقابية العراقية لا يجوز اعتقال أو تقييد حرية أي شخص بدون مذكرة قبض صادرة من جهة قضائية مختصة، وبخلاف ذلك يعاقب المخالف استناداً لأحكام المادة (421) من قانون العقوبات العراقي، بالإضافة إلى التعليمات التي صدرت من رئاسة الوزراء بموجب الأمر الديواني رقم (57) في 1/12/2014 التي أوجبت أن تقوم الجهة التي نفذت إلقاء القبض أو التوقيف بتسجيل اسم الموقوف، ومكان الإيقاف، وسببه، والمادة القانونية الموقوف بشأنها خلال مدة (24) ساعة من وقت التوقيف، في سجل مركزي (الكتروني ويدوي) تتولى وزارة العدل استحداثه وإدارته، وتتولى وزارة الدفاع، والداخلية، وجهاز الأمن الوطني وضع ضوابط وآليات قيام الأمرين بتسجيل الموقوفين في السجل المركزي، ولا يجوز قيام أي جهة غير الجهات المذكورة في أعلاه من هذا الأمر الديواني بإلقاء القبض، أو التوقيف، ويعد القبض على الأشخاص خارج الحالات المنصوص عليها في هذا الأمر من اختطاف واحتجاز الأشخاص من الحالات الجرمية، ويحال المسؤول عنها إلى القضاء .
نستنتج من ذلك، أن الاختفاء القسري في العراق يعد جريمة ضد الإنسانية، يحاسب عليها القانون العراقي والدولي، وأن الدستور العراقي لعام 2005 في المادة (37) يؤكد على:
-
حرية الإنسان وكرامته مصونة .
-
لا يجوز توقيف أحد، أو التحقيق معه إلا بموجب قرار قضائي .
-
يحرم جميع أنواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الإنسانية، ولاعبرة بأي اعتراف انتزع بالإكراه، أو التهديد، أو التعذيب، وللمتضرر المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي أصابه، وفقاً للقانون .
-
كفل الدولة حماية الفرد من الإكراه الفكري والسياسي والديني .
-
يحرم العمل القسري “السخرة”، والعبودية، وتجارة العبيد “الرقيق”، ويحرم الاتجار بالنساء والأطفال، والاتجار بالجنس .