أطفال كيان داعش الإرهابي في المناطق المحررة… قنابل موقوتة وتحديات مستدامة

أ.د. حسين الزيادي
    لقد تَرك تنظيم داعش الإرهابي بعد هزيمته الساحقة في العراق ندوباً عميقة على وجه المحافظات التي رَزحت تحت احتلاله، ومن بين أهم المشاكل التي خَلفها التنظيم المتطرف مُشكلة الأطفال الذين ولدوا من آباء يَنتمون لتنظيم داعش، وهؤلاء يشكلون تهديداً أمنياً خطيراً في المستقبل، وقنابل موقوتة تكاد تنفجر في وجه الجميع، مهددة أمن المنطقة وسلامها واستقرارها والعالم أجمع، ولاسيما إذا استمر بقاؤهم في البيئة التي حولت آبائهم وأمهاتهم إلى مناصرين للحركات الإرهابية، ناهيك عن أن أغلبهم تعرض لما يسمى بغسل الأدمغة وآليات التحكم بالعقول من خلال المناهج الدراسية، والتجارب التطبيقية التي تم زجهم بها ، وآخرون ممن قتل آباؤهم وما زالوا محملين بروح الثأر والحقد والانتقام.
 لقد سعى تنظيم داعش خلال سيطرته على مساحات من الأراضي العراقية إلى خلق جيل جديد من المقاتلين من خلال تشجيع مقاتليه على استعباد النساء، فضلاً عن الأطفال المولودين عن حمل قسري من زيجات عراقية، أو من مقاتلين أجانب، وبحسب تصريحات المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق قُدر عدد أطفال مقاتلي داعش الأجانب والموجودين في مراكز إيواء تابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية بأكثر من (1120) طفلا، ومن هنا يجب اتخاذ العديد من الخطوات التي بموجبها يتم درء الخطر، والحد منه على أقل تقدير:
1-يجب توفير قاعدة بيانات شاملة ومتكاملة عن هؤلاء الأطفال، وبيان خصائصهم الديموغرافية؛ كالعمر والنوع والبيئة؛ لتكون منطلقاً لأي معالجة علمية لحل مشاكلهم.
2-تفنيد ما ترسخ في عقول الأطفال ـ الذين بلغ بعضهم سن الرشد الآن ـ من أطروحات دينية، وعقائدية منحرفة عن طريق الرعاية الاجتماعية، وتأهليهم فكرياً ونفسياً، ومحاولة دمجهم بالمجتمع بعد التأكد تماماً من استجابتهم.
3-وضع حلول عادلة لمصير الأطفال ذوي الأصول غير العراقية من جهة الأب والأم من خلال إجراء مسح قانوني لكل حالة، فهناك زيجات حدثت بدون غطاء قانوني؛ لذلك عندما تحاول الأم إقامة دعوى على الأب فإنها تواجه مشكلة أمام القضاء؛ لأن الأب إما هارب، أو مقتول؛ ولأنها لا تمتلك وثيقة قانونية تثبت حالة الزواج.
وهناك مشكلة تتعلق في إثبات جنسية الأطفال؛ لأن الإثبات بحسب القانون العراقي يتطلب إقامة دعوى من قبل الزوجة على الزوج؛ لإثبات نسب الطفل، وهذا لا يكون إلا في حالة معرفة شخصية الزوج، ووجود عقد رسمي معترف به في المحاكم العراقية، علماً أن أسماء الأزواج عبارة عن ألقاب، أو أسماء وهمية غير واقعية، وهذا يجعل الزواج من الناحية القانونية باطلاً حتى مع توافر الشهود، بحسب قانون الأحوال الشخـــصية رقم  (188) لســنة 1959 في المـــواد (10 و 11)، أما المادة الخامسة من القانون نفسه؛ فقد نصت على ضرورة توافر الشروط القانونية والشرعية في العاقدين، أو من يقوم مقامهما.
  وقد بذلت الحكومة العراقية جهوداً استثنائية؛ لمعالجة الظاهرة من الناحية الاجتماعية والقانونية، فقد وضع العراق على مدار العامين الماضيين خطة طموحة لإعادة تأهيل العراقيين الموجودين داخل مخيم الهول، فقد نُقلت (1369) عائلة من مخيم الهول إلى العراق، وأخضعتها لعمليات التأهيل، تمهيداً لدمجهم بالمجتمع، وأن (800) عائلة قد عادت لمناطق سكناها بعد عمليات التأهيل، فضلاً عما تقدم فقد تبنى مجلس القضاء معالجات لحالة الزيجات، والاعتراف بالأطفال على وفق ما يقرره قانون الأحوال الشخصية من جواز تصديق عقود الزواج الخارجية ( العقود الشرعية)، وقامت الخطة على محاور عدة، منها  إجراء حوار وطني في المحافظات، أو المناطق التي خرجت منها عائلات الدواعش؛ بهدف ضمان قبول إعادة دمجهم في مناطقهم من قبل السكان، فضلاً عن تشكيل فريق متخصص للتعامل الفكري والنفسي مع العنصر النسائي الداعشي شديد الخطورة .
إن أفعال داعش تعد مخالفة صريحة لمبادئ القانون الدولي، فقد نصت اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 ضمن المادة (7) على حق الطفل بالتمتعِ بالاسم، والجنسية من خلال تسجيله بعد ولادته فوراً، ويكون له الحق على الأقل في معرفة والديه، ونص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المادة (12) أن لكل فرد حق حماية شرفه، وسمعته، وعدم التشهير به.