د. رائد عبيس
لعل أخطر ما يعترض حياة الإنسان، هو إلحاق الأذى به عبر القوانين التعسفية، وهذا الأذى الذي يكتسب صفة جرمية ينفذ تحت فضيلة طاعة القانون! كما تتحدث عنه أخلاقيات السلطة القمعية. فالتهديد الوجودي بناءً على تلك القوانين وفضيلتها، يعد أمراً مقلقاً للاثنيات اللغوية، والهوياتية، والإيديولوجية في داخل العراق وخارجه، وهي التي كانت حاضرة وفاعلة في تشكيل صفة اجتماعية غالبة على هوية الإنسان العراقي، قبل القوانين وتصنيفاتها. صحيح كانت تحت منظومة دولة العثمنة التي اعتمدت الفوارق الهوياتية المذهبية، والعرقية، أساساً في نظامها العام في العراق. إلا أن الأسس الاجتماعية، والعائلية، والروابط الأسرية، أكبر وأعمق من كل توصيف، وأي تصنيف، بقيت جذوره مع وجود الأنظمة وزوالها وإلى اليوم.
إلا أن تجربة الإبعاد القسري على وفق القانون، شكلت هوية جديدة لمعالم السلطة القادمة في العراق نحو التفرد، والتسلط، والطغيان، بنوازع متعددة، بين سياسية، واجتماعية، واقتصادية، ومذهبية، وعرقية، وهذه كلها تمثلت في صيغة قوانين مجحفة بكل معاني الإجحاف والظلم؛ إذ لم يحترم بها الإنسان العراقي قط بغض النظر عن هويته، منذ أن تأسست الدولة العراقية على البراثن العثمانية، وتبعات الاحتلال البريطاني، والاضطرابات السياسية والقانونية في عهد الملكية، وصولاً إلى 1963 وما بعدها، حتى 2003 الزمن الذي زال به كابوس الظلم الجاثم على صدر العراقيين.
ومن هذه القوانين هو قانون رقم (666) في لسنة 1980، وقرار رقم (474) الذي صدر في 1981، الذي يخص التبعية الإيرانية وما لحقها. ونرى أن مثل هذه القوانين لم تأت من فراغ، بل من تراكمات سياسية وقانونية، كانت قد ابتدأت من 1921، وحين إصدار قانون الجنسية العراقي رقم (24) لسنة 1942 الذي على أساسه صنف المواطنون العراقيون إلى مواطن من الدرجة الأولى، وإلى مواطن من الدرجة الثانية. وسحب الجنسية من اليهود 1950 وإسقاط الجنسية من العراقيين؛ لأسباب سياسية سنة 1955، وتصاعدت مع حكم البعث بطريقة جائرة جداً. ولا سيما في قانون رقم (43) لسنة 1964 الذي منح وزير الداخلية حق إسقاط الجنسية، وبدءاً منذ ذلك الحين توسع التهجير، والإبعاد القسري تحت طائلة القانون الذي سنه البعث https://almustaqel.net/?p=12118وصولاً إلى حكم صدام الذي شهد عهده أكبر عملية تهجير، وإبعاد قسري، وهذه التأسيس القانوني، هددا كيان الدولة والتعددية فيها، ولعلها أول بوادر تدمير التعايش السلمي، وفرض تعايش جديد تحت منظومة أيديولوجية جديدة تسمى (الولاء للبعث). وعندما بدأ هذا الإجبار والقسر على الولاء للبعث، بدأت كثير من العوائل التي لها أصول إيرانية وكردية بالابتعاد عن العراق؛ نتيجة الضغوط السياسية والأمنية من قبل أجهزة حزب البعث الصدامي، إذ كان الولاء لمجلس قيادة الثورة، وللحزب، وقائده، وأن الايديولوجيا البعثية عندهم أهم من كل قوانين السماء، والدستور، والأخلاق, والمواثيق الدولية الذي يعد العراق فيها طرف, وهذا ما أعلن عبر شعارات البعث، مثل: شعار: (اذا قال القائد قال العراق) وما جاء في المادة (37) من دستور 1970 الذي عد مجلس قيادة الثورة هو السلطة العليا في العراق، وإلزامية كل ما يصدر من قوانين، ومنح الحصانة لأعضائه، يعد تأسيساً لكل انفراد بالسلطة، والاستخفاف بما جاء بالدستور نفسه، بإيراد نصوص ملغومة، توحي بتوظيف وقراءات متعددة، مثل : المادة الثانية والأربعون: يمارس مجلس قيادة الثورة الصلاحيات الآتية: أ ـ إصدار القوانين والقرارات التي لها قوة القانون. ب ـ إصدار القرارات في كل ما تستلزمه ضرورات تطبيق أحكام القوانين النافذة). https://sjc.iq/view.81/.
في أدناه نص قرار (474) سيء الصيت؛ ليدرك القارئ الكريم التداعيات اللاإنسانية التي ألحقت بالناس جراء هذا القانون.
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس قيادة الثورة
قرار رقم 474
استنادا إلى أحكام الفقرة ( أ ) من المادة الثانية والأربعين من الدستور المؤقت قرر مجلس قيادة الثورة بجلسته المنعقدة بتأريخ 15/4/1981 ما يلي
-
يصرف للزوج العراقي المتزوج من امرأة من التبعية الإيرانية مبلغ قدره أربعة آلاف دينار إذا كان عسكريا، وألفان وخمسمائة دينار إذا كان مدنيا في حالة طلاق زوجته أو في حالة تسفيرها إلى خارج القطر.
-
يشترط في منح المبلغ المشار إليه في الفقرة (1) من هذا القرار ثبوت حالة الطلاق، أو التسفير بتأييد من الجهات الرسمية المختصة وإجراء عقد زواج جديد من عراقية.
-
يتولى الوزراء المختصون تنفيذ هذا القرار بتوقيع مجلس قيادة الثورة. https://wiki.dorar-aliraq.net/iraqilaws/law/2587.html .