د. ثائر الخيكاني
سعت عصابات داعش الإرهابية إلى تنظيم مصادر التمويل وتنوعيها الخاصة بها، إذ يقوم داعش بإجبار سكان المناطق الواقعة تحت سيطرته على دفع الأتاوات, ويتولى أعضاء التنظيم في كل ولاية عملية جباية الأموال من التجار، وأصحاب الأعمال الذين تتجاوز أرباحهم خلال العام ما يُعرف بالنصاب المطلوب لدفع الزكاة، فضلا عن استحصال الأموال من الأغنياء، وأصحاب رؤوس الأموال، والمشاريع مقابل ضمان أمنهم الشخصي وعدم التعرض لمصالحهم.
ويشرف على مهمة تنظيم عمليات جمع الأموال في كل ولاية ما يُعرف بـ(أمير ديوان بيت المسلمين)، وهو المسؤول المالي الأعلى في مناطق سيطرة عصابات داعش الإرهابية، ومهمته تقوم على إدارة تنظيم الشأن المالي داخل المدن الواقعة ضمن منطقة إدارته, إذ تجمع الأموال بواسطة لجان خاصة، تقوم بمهمة التدقيق بحسابات التجار، وأصحاب الأعمال، والفلاحين لاحتساب قيمة أرباحهم خلال العام، وإقرار القيمة المقررة من الزكاة التي يتوجب دفعها، والبالغة ما يعادل قيمة (85) غراما من الذهب، على أن يتم اقتطاع نسبة (2.5%) منها بوصفها أموالا للزكاة.
وكان التنظيم قد أقر نظامه المالي بعد إعلانه عن الخلافة في محافظة نينوى في (29) حزيران عام 2014، إذ عمل على ربط موارده جميعا بصندوق مالي واحد، وهو بيت مال المسلمين، الذي كان يشرف عليه الإرهابي المقبور (أبو بكر البغدادي) بشكل شخصي.
ويتقاضى أمراء ديوان (بيت المال) أموال الجباية التي كان السكان يقومون بدفعها للحكومة ثمنا للخدمات، كفواتير المياه، والكهرباء، والاتصالات، فضلاً عن أموال إيجارات العقارات، والمحال التجارية، والأراضي الزراعية التي قام التنظيم بالاستيلاء عليها عام 2014.
وقد فرض عناصر من ديوان الحسبة من عصابات داعش الإرهابية على بعض سكان المدن التي تحت سيطرته دفع الدية والبالغة (1500) دولار للشخص الواحد، أو ما يعادله من مصوغات ذهبية على من يرغب بالرحيل خارج تلك المدن.
ويحصل التنظيم على (20) مليون دولار سنويا من الفلاحين من الضرائب التي يفرضها على محاصيل الزراعية.
فضلا عن الحصول على أموال من الضرائب والأتاوات التي يفرضها على بضائع الشاحنات التي تدخل إلى العراق عبر المناطق التي يسيطر عليها، وتقدر قيمتها بنحو (140) مليون دولار سنويا.
ووفق معلومات مجلس العلاقات الخارجية في الولايات المتحدة قامت عصابات داعش بعد سيطرتها على محافظة نينوى بفرض ما يقدر بنحو (8) ميلون دولار شهرياً ضرائب لصالحها من الشركات المحلية.
وبعد تحرير المدن التي كانت خاضعة لسيطرة عصابات داعش الإرهابية من قبل القوات الأمنية عام 2017, انحسرت عمليات التمويل، ودفع الاتاوات من سكان المدن التي كانت خاضعة لسيطرتهم, وأصبح يعتمد على التمويل من قبل بعض المهربين للمشتقات النفطية، والمواد الغذائية التي تدخل بشكل غير قانوني إلى المدن، فضلا عن استحصال مبالغ مالية من المزارعين، ورعاة الأغنام في المناطق التي تتواجد فيها تلك العصابات الإرهابية، وهي مناطق نائية، أو ذات طبيعة جغرافية معقدة، توفر الملاذ لتلك العصابات.